كتبت خيريه الصباغ أسيوط
يعتبر خط بارليف أقوى خط تحصين دفاعي في التاريخ العسكري الحديث يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة .كان مصمم خط بارليف هو الجنرال حاييم بارليف رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي وقتها، والذي فكر فى إنشائه ليفصل سيناء عن الجسد المصرى بشكل نهائى وليحول دون وصول الجيش المصري إلى الضفة الشرقية للقناة من خلال إنشاء ساتر ترابي منحدر ومرتفع ملاصق لحافة القناة الشرقية بطول القناة من بورسعيد إلى السويس ليضاف للمانع المائى المتمثل فى قناة السويس؛ يتكون الخط من تجهيزات هندسية ومنصات للدبابات.
وكان الساتر الترابي – خط بارليف – يعلو يومًا بعد يوم وهو مكون من كثبان رملية طبيعية تكونت من ناتج حفر قناة السويس حيث كانت رمال حفر القناة وصخوره تلقى على الضفة الشرقية من القناة حيث إن الناحية الغربية أراض زراعية. وقد أكد الخبراء السوفيت أن الساتر الترابي لا يمكن تحطيمه إلا بقنبلة نووية !!! كان أحد المعضلات الكبرى في عملية اقتحام خط بارليف هو كيفية فتح ثغرات في الرمال والأتربة التي لا تؤثر فيها الصواريخ لعبور ناقلات الجنود والمدرعات والدبابات إلى سيناء!.
ومن المعلوم أنه تم فتح الثغرات المطلوبة في السد الترابي بواسطة خراطيم المياه القوية، أتى بهذه الفكرة العبقرية البسيطة لفتح ثغرات في خط بارليف الحصين اللواء أركان حرب المهندس / باقي زكي يوسف ابن أسيوط البار.
عمل اللواء / باقى زكى يوسف ضابطًا مهندسًا في القوات المسلحة بعد تخرجه في كلية الهندسة جامعة عين شمس خلال المدة من عام 1954م وحتى منتصف عام 1984م، كان قومندان لتشكيل من تشكيلات الجيش الثالث الميداني وكان رئيسًا لفرع مركبات الجيش الثالث فى حرب أكتوبر 1973.
خرج من،الجيش بعد أن قضى خمس سنوات برتبة اللواء، وهو صاحب فكرة فتح الثغرات في الساتر الترابي باستخدام ضغط المياه في حرب أكتوبر 1973م.
وقصة اختراعه لهذا المدفع المائي جاءت عندما اُنتدب للعمل في مشروع السد العالي في شهر مايو عام 1969م، فقد عُين رئيسًا لفرع المركبات برتبة مقدم في الفرقة 19 مشاة الميكانيكية، وفي هذه الفترة شاهد عن قرب عملية تجريف عدة جبال من الأتربة والرمال في داخل مشروع السد العالي بمحافظة أسوان وقد استخدم في عملية التجريف مياه مضغوطة بقوة وبالتالي استطاعت إزالة هذه الجبال ثم إعادة شفطها في مواسير من خلال مضخات لاستغلال هذا الخليط في بناء جسم السد العالي. وتبلورت هذه الفكرة في ذهن المقدم باقي؛ أعد باقي زكى تقريرًا فنيًا وافيًا وصل فيما بعد إلى يد الرئيس / جمال عبد الناصر أثناء اجتماعه الأسبوعى بقادة التشكيلات بمقر القيادة العامة، وقد اهتم الرئيس بالفكرة المبتكرة، وأمر بتجربتها واستخدامها في حالة نجاحها، وقد أجريت تجربة عملية عليها في جزيرة البلاح؛ وقد لخص اللواء / باقي الفكرة بقوله لقائده: ”ربنا حط المشكلة وجنبها الحل يا فندم”.
التكريم
وتقديرًا لجهوده تم منحه نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى عن أعمال قتال استثنائية تدل على التضحية والشجاعة الفائقة في مواجهة العدو بميدان القتال في حرب أكتوبر 73، تسلمه من يد الرئيس الراحل / أنور السادات في فبراير 1974م، وأيضًا وسام الجمهورية من الطبقة الثانية تسلمه من الرئيس الأسبق/ حسني مبارك بمناسبة إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة عام 1984